أشارك بورقة بحثية في المؤتمر العلمي الرابع لقسم تمريض صحة الأسرة والمجتمع – كلية التمريض جامعة بورسعيد
حوار :فاروق أبوعايد
في سياق التحضيرات العلمية لانعقاد المؤتمر العلمي الرابع لقسم تمريض صحة الأسرة والمجتمع – كلية التمريض بجامعة بورسعيد غدًا، والذي يأتي تحت عنوان: "دور الذكاء الاصطناعي في تطوير الرعاية الصحية وتمكين مقدمي الخدمة"، تحدثنا مع الدكتورة فاتن فتحي، رئيس مجلس إدارة مؤسسة "فاتن فتحي للخدمات الصحية والتدريب"، حول مشاركتها المرتقبة، ورؤيتها لتطوير قطاع التدريب التمريضي باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي.
• بدايةً.. كيف تقيّمين مشاركتك المرتقبة في المؤتمر؟ وما الذي يميز هذه الدورة تحديدًا؟
أتطلع لمشاركتي غدًا في المؤتمر بكثير من الحماس. أراه منصة علمية واعدة لطرح موضوع محوري في مستقبل الرعاية الصحية، وهو دمج الذكاء الاصطناعي في تأهيل وتدريب الكوادر الصحية. ما يميز هذه الدورة أنها تجمع بين الطرح الأكاديمي والتطبيق العملي، مع حضور متوقع فعّال من أعضاء هيئة التدريس والطلاب، وهو ما يعكس حيوية البيئة الأكاديمية واستعدادها لمواكبة التطور.
• ما الدور الذي ستقوم به مؤسستكم خلال المؤتمر؟
نشارك بورقة بحثية تحت عنوان: "دور الذكاء الاصطناعي في تدريب مساعدي التمريض". كما سنعرض برنامجًا تدريبيًا مقترحًا يعتمد على المحاكاة الذكية والتقنيات الحديثة، إلى جانب تقديم نماذج دولية ناجحة يمكن الاستفادة منها في السياق المحلي.
• هل تتوقعين تفاعلًا أكاديميًا حقيقيًا مع هذا الطرح خلال فعاليات المؤتمر؟
بالتأكيد. بناءً على خبراتي السابقة، أجد أن الوسط الأكاديمي في مجال التمريض متعطش لكل ما هو جديد ومبتكر، خاصة في ظل التحديات المتراكمة التي تواجه القطاع. أتوقع تفاعلًا علميًا وبحثيًا مثمرًا من الأساتذة والطلاب على حد سواء.
• تحدثتِ سابقًا عن النقص العالمي في الكوادر التمريضية.. كيف ينعكس ذلك على مصر؟
مصر ليست بمعزل عن هذا التحدي. تشير تقديرات دولية إلى حاجة البلاد إلى أكثر من 200 ألف ممرض وممرضة إضافيين بحلول عام 2030 .. هذه الفجوة تؤثر بشكل مباشر على جودة الرعاية الصحية، وترهق الكوادر الموجودة، وهو ما يجعل الاستثمار في تأهيل مساعدي التمريض أمرًا عاجلًا.
• ما الأسباب الجوهرية وراء تفاقم هذه الفجوة؟
هناك عدة عوامل، منها: ضعف منظومات التدريب التقليدي، استمرار هجرة الكفاءات، عدم وضوح دور الكوادر المساعدة، وتأخر دمج التقنيات التعليمية في منظومة التمريض. ولذا، نحن بحاجة إلى حلول سريعة وفعالة، أبرزها تطوير برامج متخصصة لتأهيل مساعدي التمريض.
• في هذا السياق.. ما الدور المتوقع لمساعد التمريض؟ وهل هو حل واقعي؟
نعم، هو عنصر محوري في الفريق الصحي. مساعد التمريض المؤهل يمكنه المساهمة في تخفيف العبء عن الطاقم التمريضي الأساسي، مما ينعكس على جودة الخدمة الصحية. لكن بشرط تأهيله وتدريبه باحتراف.
• ما طبيعة المهام التي يؤديها مساعد التمريض؟
يقدّم مساعد التمريض خدمات أساسية مثل الرعاية اليومية، المتابعة، والدعم النفسي للمريض، تحت إشراف مباشر من الممرض أو الطبيب، لا يحل محل أحد، بل يُعد عنصرًا مكمّلًا يعزز فعالية الفريق الطبي.
• هناك من يرى أن دوره روتيني.. ما تعليقك؟
هذه رؤية خاطئة وشائعة نتيجة غياب التوعية والتدريب الجيد. حين يحصل المساعد على تدريب حقيقي واندماج فعلي في المنظومة، يتحول من "عامل مساعد" إلى "ممارس صحي" محترف يحظى بالاحترام والتقدير.
• هل توجد تجارب دولية داعمة لهذا النموذج؟
نعم. في بريطانيا، ساهم دمج مساعدي التمريض في خفض أعباء العمل بنسبة 27%. وفي مستشفى بوسطن بالولايات المتحدة، أدى ذلك إلى تحسين جودة الرعاية بنسبة 15%. الأرقام تعكس فاعلية هذا النموذج متى توفرت له أدوات النجاح.
• كيف ترين دور الذكاء الاصطناعي في تطوير تدريب هؤلاء المساعدين؟
الذكاء الاصطناعي يوفر أدوات مثل المحاكاة الافتراضية، الواقع المعزز، التقييمات الذكية، والمنصات التفاعلية، كل ذلك يتيح بيئة تدريب واقعية وآمنة، ويعزّز المهارات العملية دون المخاطرة بالحالات الحقيقية.
• هل تعتقدين أن هذه الأنظمة قد تحل يومًا محل المدرب البشري؟
لا، أبدًا. التكنولوجيا داعمة وليست بديلة. المدرب البشري يظل ضروريًا للجوانب السلوكية والنفسية والتربوية، الذكاء الاصطناعي يرفع الكفاءة، لكنه لا يُغني عن المعلم.
• ما أبرز التقنيات التي ستستعرضونها خلال المؤتمر؟
نتحدث خلال المؤتمر عن مجموعة من التقنيات منها :
– المحاكاة الافتراضية (Virtual Simulation)
– الواقع المعزز (Augmented Reality)
– منصة LLEAP
– نظام Body Interact
– نظارات Microsoft HoloLens
• هل لدى مؤسستكم تجارب عملية في تطبيق هذه الأدوات؟
نعم، بدأنا بالفعل تنفيذ نماذج محاكاة بالتعاون مع شركاء تقنيين. كما نعمل على تطوير منصة إلكترونية متكاملة للتدريب الذكي تستهدف مساعدي التمريض والممارسين الجدد.
• ماذا عن البرنامج التدريبي المقترح الذي ستطرحونه؟
البرنامج يمتد لأربعة أسابيع (بإجمالي 80 ساعة)، ويشمل محاضرات، تدريب عملي، جلسات محاكاة، وتقييمات تفاعلية، يُركّز على مهارات التمريض الأساسية، أخلاقيات المهنة، مكافحة العدوى، الطوارئ، والتواصل مع المرضى.
• كيف تم توزيع الساعات بين الجانبين النظري والعملي؟
بنسبة 40% نظري و60% عملي. لأن الجانب المهاري والعملي هو الأساس في تكوين مساعد التمريض، خاصة أن المنهج يقوم على التفاعل والتطبيق لا التلقين.
• ما أهم التوصيات التي ستقدمينها في جلسات الغد؟
سأوصي بضرورة إدراج وحدة دراسية حول الذكاء الاصطناعي في برامج التمريض، وتدشين منصات إلكترونية تدريبية وطنية، وتخصيص موارد مالية لتطبيق المحاكاة والواقع المعزز، بجانب دعم البحث العلمي التطبيقي في هذا المجال.
• أخيرًا.. كيف ترين مستقبل الرعاية الصحية في مصر خلال عقد من الزمن إذا تم الاستثمار بجدية في الذكاء الاصطناعي؟
إذا تم الاستثمار الحقيقي، ستتحول الرعاية الصحية إلى منظومة ذكية ذات كفاءة عالية، بأخطاء أقل، وجودة أفضل، وخدمة توازي المعايير العالمية. الذكاء الاصطناعي ليس رفاهية، بل ضرورة وطنية لتحسين جودة الحياة الصحية في مصر.